الجمعة، 6 مايو 2016

تركنا لكم القليل، فلماذا الطَمَع؟

المجتمعات، ومنذ بداية التاريخ قائمة على صراع طبقي، اقتصادي اجتماعي سياسي، بين طبقتين إحداهما تستغل الأخرى وتقتات عليها. طبقة تملك المال والسلطة والنفوذ، وطبقة بسيطة لا تملك سوى مجهودها البدني والذهني، طبقة تسعى إلى زيادة رؤوس أموالها وبسط سلطتها وتوسيع نفوذها، وطبقة مضطهدة ومسحوقة تسعى جاهدة بأن تعيش حسب حاجتها ومجهودها. كل طبقة مضطهدة ومسحوقة تحاول تغيير واقعها وإصلاح وضعها القائم سواء بالفعل أو القول أو مجرد إنكاره في القلب. إن محاولة تغيير الواقع، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والسعي إلى إصلاحه وتغييره، ليس ترف فكري أو مجرد كلام على ورق، والإعتراف بوجود صراع طبقي، اقتصادي اجتماعي سياسي، ومحاولة إصلاحه وتغييره، ليس مجرد رفاهية لا نحتاجها في الواقع. إن الدعوة إلى الإيمان بوجود صراع طبقي ليست حكراً على النخب الثقافية والاقتصادية والسياسية، بل العكس تماماً، حيث أن الإيمان بوجود صراع كهذا يجب أن يكون، في المقام الأول، لدى عامة الناس. أنت وأنا، نعاني بشكل أو بآخر، وفي حياتنا اليومية، من طبقة تملك المال والسلطة والنفوذ، وهذا واقع نعيشه، ومجرد إنكاره أو الإستخفاف به، هو بحد ذاته هروب من الواقع. عامة الناس ترى بأن الإنسان أهم قيمة في هذا المجتمع، بعكس الطبقة المسيطرة التي تملك منظور آخر للإنسان، حيث أنه مجرد تكلفة أو ربح. يجب أن يعي الانسان الذي يملك وظيفة في القطاع الخاص أو الحكومي، أنه يبيع جهده البدني والذهني إلى رب عمله مقابل أجر يتقاضاه شهرياً، أجر يستحق الإنسان أكثر منه، ولكنه لا يتقاضى من رب عمله إلا ما يجعله قادراً للقدوم إلى عمله في ثاني يوم. فالإنسان في نظر تلك الطبقة مجرد سلعة لها ثمن مادي، فمجهودك البدني والذهني له ثمن، راحتك وسعادتك لهما ثمن، هواياتك وإهتماماتك لهم ثمن، حرية الإنسان، وهي حق أصيل له، تعتبر سلعة لها ثمن، حتى حقوقك سلعة ولها ثمن. لذلك فإن استغلال الانسان بهذا الشكل البشع موجود في كل زمان ومكان. في مجتمعنا، عامة الناس يعانون من صراع طبقي، بين من يملك السلطة والمال والنفوذ ويستغل الدين، وبين باقي الناس، الذين لا يملكون غير وظيفة في القطاع الخاص أو الحكومي. عامة الناس هم الذين يعانون من مشاكل الإسكان والصحة والتعليم، عامة الناس هم من يعانون من إستغلال وجشع التجار، عامة الناس هم من يكافحون يومياً من أجل لقمة العيش وتحقيق الرفاهية. الدعوات التي تقول أننا شعب مُدلل ومُترف، تضليلية وغير صحيحة، فالإنسان البسيط، يبذل مجهوده البدني والذهني يومياً، لكي ينال في نهاية كل شهر جزء بسيط لا يُذكر من حقه في ثروات هذا البلد، تلك الثروات التي لا يحصل عليها إلا عدد قليل من الناس، بينما يحصل غالبية الناس على فتات الخبز. فأنت وأنا وغالبية الناس لا نعيش كما تعيش الفئة القليلة، ولا يعانون كما نعاني. إن المطالبة بالعدالة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، والمطالبة بالمساواة والحرية، والمطالبة بالإصلاح وكامل الحقوق، بل أن المطالبة بحد ذاتها حق وواجب، وليست كما يُصورها البعض على أنها ترف أو رفاهية. فقط لا تنكر وجود هذا الواقع.

إبراهيم العثمان
06-05-2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق