الثلاثاء، 14 مايو 2013

يوميات مواطن

أصبحنا وأصبح الملك لله وحده. أستيقظ كل صباح بكسل وخمول، أول أنفاسي؛ نفس الحياة، ثم نفس الذكريات الجميلة منها والحزينة، باقي الأنفاس طبيعية فأنا أمارس دوري كإنسان فعّال في المجتمع، أتنفّس! الحنين يرجعني إلى تلك الأيام، سابقاً ذلك الوقت الجميل الذي قرأت عنه الكثير، لا تستمر الفرحة، قبل وبعد كل شي جميل هناك أشياء حزينة، ولكنني مازلت أتنفّس، ولله الحمد وحده لا لغيره.

ما هي مشكلة المعيشة في وطني؟ فأنا أملك غرفة وسرير، سيارة وهاتف محمول، وظيفة بسيطة براتب متواضع في كل شهر يتراقص خجلاً في حسابي الخاص، وتستمر الحكاية. إذاً أين المشكلة؟ لماذا أتذمر كل يوم من حال وطني؟ لماذا اتمنى الهجرة؟ ها أحتاج إلى قصر كبير؟ سيارة تحوي أكثر من ١٠ أبواب؟ راتب شهري يفوق ال٢٠٠٠ دينار من غير جهد يُذكر؟ محتجّاً بالنفط؟ ما هي مقومات العيش الكريم؟

لا أحتاج أن أكون فاحش الثراء! لا أحتاج أن أعيش بإسلوب المشاهير! لا أحتاج أن أملك شيئاً أنا لا أستحقه ولم أتعب للحصول عليه! لا أحتاج هذا الحلم الوردي السخيف! أن تكون غني فاحش، تعيش كما العظماء، تلتقط لك الصحف صوراً لتذيلها بإسمك المنمق، وأنت لا تملك أبسط حقوقك؟ حق الإختيار! حرية أن تملك مصيرك وقرارك! ما أقبحك، عفواً أقصد ما أجبنك! فأنت والعبيد سواء! علمتني الأيام بأن العبد هو حرٌ لم يقتنع بما يملك، والحُر هو عبدٌ يقتنع بما يملك. ما أجمل دروس الحياة. لك الملايين والقصور والشهرة، ودع لي القرار والحرية والكرامة. لا أريد ذلك الحلم المليوني، يكفيني أن أعيش بحرية، أملك قراري ومصيري، أملك حق الإختيار، وأعيش أنا وباقي المواطنين سواء، لا يفرقنا اسم، أو مذهب، أو دين، مواطنين فقط لا غير. كل مواطن ومجهوده، على مسطرة واحدة عمياء لا تمايز بين المواطنين.

مخطئ من يلعن الوقت والأيام لما تحمله من أحزان ومشاكل وشقاء، أنت من تصنع زمانك وتاريخك! الغد هو ابنك المُنتظر، أنت وحدك تملك الحق في أن تسميه حزن أم سعادة! عش حياتك ولا تتذمر فهذا حالنا منذ ما يزيد عن خمس عقود.

الجمعة، 3 مايو 2013

قارب الأمل في بحر اليأس

هل هناك ما يدعوا للأمل وأنا أغرق في بحرٍ من اليأس؟ أم هل هناك يأس وأنا أطفوا على قاربٍ من أمل؟ من أنا؟ هل أنا أشبهني أنا؟ أم هل أنا لست أشبهني أنا؟ هل أنا ذلك الطفل الصغير بداخلي، المُفعم بالنشاط والحيوية والأمل، حالم سعيد؟ أم أنا ذلك الشيخ الذي أخاله أنا، غاضب وحزين، مُحطب ألعن أيامي؟ طفل أم شيخ، من أنا؟ اسألة كثيرة تجول في خاطري، أكاد لا أجد لها أي جواب.

جميل ذلك التناقض الذي أعيشه هنا، الأمل والفرح يدعونك إلى شكر النِعم متجاهلاً كل خيبات هذا المكان، الحزن والعضب يدفعونك إلى بلوغ لذّة الفرح والتحرّق شوقاً لها لأنني مؤمن بأنني أستحقها. يا إلهي! ما أكثر هذه الأسئلة التي تجول في خاطري الحيران! أين الجواب؟ ما هي أسرار العيش هنا؟ أم أن العيش هنا أسرار؟ ما هو تفسير الحقيقة؟ أم أن الحقيقة لا تفسير لها؟ لا يوجد جواب للأسف، على حسب قناعتي على الأقل. رحمك الله يا أستاذي الفاضل، كيف عساك تقول، نعم تقول لأن كلماتك أصبحت كل يوم زادي في هذه الرحلة الطويلة، أسمعها كل صباح تتكرر في رأسي، تفاءلوا .. فالـ.... مازالت جميلة؟ جميلة، كيف؟ هل هي جميلة بأهلها؟ هل هي جميلة بالنعم التي تغدقها علينا؟ أم هل هي جميلة بمجرد أنها جميلة رغم قسوتها؟ أنام كل ليلة على فراش اليأس مؤمناً بأحلام وأماني بغدٍ مشرق ينتظرني كل صباح، أنا الطفل بملامح الشيخ، وأصحوا على خيبة، خيبات! تجاعيد الأيام والأحزان مرسومة على وجهي، أحياناً أخفيها بالضحك، وأحياناً أعجز عن إخفائها، وأكتفي بقولي "الوضع تعبان". أصحوا كل صباح حاملاً في جيبي الأمل والخيبة، الفرح والغضب والحزن، على ذلك الشاطئ أجدني كل يوم، أنظر إلى البحر وهو يقترب بمدّه لنا، أنظر من حولي أجد الشباب واقفين ينتظرون المد، ماذا عساني أن أفعل؟ اسألهم كل يوم وهم يترقّبون ذلك المد، ماذا تنتظرون؟ يجاوبوني: سفينة الخلاص! عن أي سفينة تتحدثون؟ كان هناك سفينة بالسابق، رحلت ومعها جميع الذكريات، اليوم كل شخص ونفسه لا غير.

في ذلك الشاطئ التعيس، أجمع الأخشاب كل يوم، لأصنع قاربي، قارب النجاة. ليصنع كلٌ منكم قاربه، أصيح بهم منادياً! البعض يجيب والبعض الأخر صامت، والباقي يتذمرون. تعبت! فعلاً تعبت من صناعة هذا القارب! ركبت على قارب وهممت في ذلك البحر، بحر اليأس المجهول، علّني أنجوا من الغرق أو أصل إلى وجهتي المنشودة، حولي قوارب كثيرة، أنظر إلى اليابسة من بعيد، بعض الشباب يصنعون، وبعضهم لا يحرّكون ساكناً، ينتظرون الغرق، لأنه الخلاص في أعينهم، حسب ظني. تارةً يقف القارب، وتارةً أخرى تدفعه الرياح، إلى أين؟ لا أعلم، ما هو مصيري؟ على تلك اليابسة البعيدة التي رحلت عنها منذ فترة لمحت شجرة خضراء مثمرة، لم أتزود منها للرحلة، هل لأنني مؤمن أن رحلتي قصيرة؟ أم أنني كنت متعباً بما يكفي لمنعي من الذهاب لها قبل الرحيل؟ أم أنه قدري يعلمني أن رحلة الخلاص بحد ذاتها قاسية؟! إلى أين أذهب، وما هو مصيري؟

أترك لكم الإجابة، فأنا أعلم أن منكم على قاربه بعدي أو قبلي، ومنكم على الشاطئ ساكنين ينتظرون الغرق والإنجراف مع الأمواج، ومنكم لايزالون يتذمرون جاهلين مصيرهم، مشغولين بالتذمر عن العمل. أين أنا؟ أين وصلت؟