الأربعاء، 25 يونيو 2014

قراءة في مفهوم السيطرة

تحدثت في تدوينة سابقة قمت بنشرها قبل شهرين عن الاستراتيجيات التي تتبعها الحكومة في تضليل الشعب والسيطرة عليه في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة. هذه التدوينة عبارة عن تكملة للتدوينة السابقة، ليست من تأليفي، مجرد قراءة وتلخيص لمقالة "في مفهوم السيطرة عند نعوم تشومسكي (2-2)" التي نشرت في مجلة راديكال 2013.

قمت بتقسيم المقال إلى جزئين، تحدث الجزء الأول من تلخيصي للمقال المذكور سالفاً عن الدور البارز الذي يمارسه الإعلام المملوك لطبقات وتيارات معينة في السيطرة على الشعب، غالباً لا تنتمي هذه الطبقات إلى الطبقة الوسطى والفقيرة من الشعب، سواء كانت مؤيدة أو معارضة للحكومة، ففي نهاية الأمر، الموضوع عبارة عن مصالح سياسية واقتصادية مشتركة أو متضاربة، فعدو اليوم هو صديق الغد. أبرز ما جاء في الجزء الأول من المقال أن الإعلام المملوك للتيارات المؤيدة للحكومة في فترة من الزمن يحاول جاهداً أن يحمي الحكومة ويدعمها -حمايةً للمصالح المشتركة- بل ويقوم بنقل صورة بعيدة عن الواقع السيء لباقي الشعب، جاعلاً الشعب في منطقة الخيال البعيد عن الواقع، حتى لا يعي الشعب ما يدور من تحت الطاولة. كذلك يعتمد ذات الإعلام إلى تصفية جميع معارضيه عن طريق حملات شرسة تقوم بتزوير الحقائق، حتى تصبح المعارضة هي سبب الفساد، وبالتالي يكون كل معارض فاسد، كما كان يفعل الإعلام الأمريكي ضد الإتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة. كذلك فإن هذا الإعلام يلعب الدور البطولي عن طريق إيهام الشعب بأنه حامي للدستور والمال العام.

أما في الجزء الثاني من تلخيصي للمقال، فقد تطرّق الكاتب إلى موضوع ديمقراطية الطبقات أصحاب النفوذ والمال، وطريقة الهيمنة التي تمارسها تلك الطبقات لتجيير الأمور فيما يصب في مصلحتها فقط. هذا الإعلام ومن يقوم عليه من نفوذ وسلطة، لديه القدرة والموارد التي تمكنه من إقناع الشعب بما يريد عن طريق تسويق أفكاره بشكل عاطفي أو عن طريق خلط الأوراق، حتى تتم السيطرة على الشعب، أو على الأقل فئة كبيرة من الشعب. ديمقراطية هذا الإعلام وهذه الطبقة عبارة عن: ديمقراطية في شكلها الليبرالي ولكنها ديكتاتورية في المضمون وبشكل غير مباشر تصب في صالح الفئة الأقل من المجتمع التي تتركز لديها الثروة والسلطة بصورة رئيسية، فهي تعتمد الأدوات الديمقراطية والدستورية وكل قصور تشريعي -حسب تعريفها الطبقي الخاص- لتحقيق الأهداف المنشودة، وما هذه الأهداف إلا لقمع الطبقة الوسطى بشكل نهائي والسيطرة عليها وتثبيت أقدام الطبقة البرجوازية كسلطة سياسية واقتصادية في ظل الرأسمالية الموجودة لتعزيز الإستغلال ولمزيد من السلطة والمصالح والأرباح. كما أن هذه الطبقة سعت جاهدةً إلى "تكسير مجاديف" كل تحرك شعبي معارض للحكومة، وبالتالي فهو معارض لمصالحها وسلطتها، ولو رجعت بالزمن إلى الوراء ستجد أن الإعلام المعارض للتحرك الشعبي ضد الحكومة سابقاً، هو اليوم موالي لأي تحرك ضد الحكومة، والعكس صحيح.

خلاصة القول، أن المواطن البسيط هو ضحية لثقافة مارستها الحكومة وتلك الطبقات على مدى أعوام حتى يكون المواطن في غيبوبة الخيال وبعيد كل البعد عن الواقع، وهذا لا يعني أن المواطن غير مسؤول عن تجنّب هذا الجهل، بل عليه أن يعي أن هذه الطبقة تعمل جاهدة لخدمة مصالحها فقط، وأن الواقع الذي يعيشه المواطن البسيط بعيد عما يتم نقله له يومياً. إما أن تكون أداة تحارب هذه الممارسات، أو تكون أداة تساهم في هيمنة هذه الممارسات وبالتالي تكون صاحب تاريخ إنتهاء صلاحية.

إبراهيم العثمان
25-06-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق