الجمعة، 3 مايو 2013

قارب الأمل في بحر اليأس

هل هناك ما يدعوا للأمل وأنا أغرق في بحرٍ من اليأس؟ أم هل هناك يأس وأنا أطفوا على قاربٍ من أمل؟ من أنا؟ هل أنا أشبهني أنا؟ أم هل أنا لست أشبهني أنا؟ هل أنا ذلك الطفل الصغير بداخلي، المُفعم بالنشاط والحيوية والأمل، حالم سعيد؟ أم أنا ذلك الشيخ الذي أخاله أنا، غاضب وحزين، مُحطب ألعن أيامي؟ طفل أم شيخ، من أنا؟ اسألة كثيرة تجول في خاطري، أكاد لا أجد لها أي جواب.

جميل ذلك التناقض الذي أعيشه هنا، الأمل والفرح يدعونك إلى شكر النِعم متجاهلاً كل خيبات هذا المكان، الحزن والعضب يدفعونك إلى بلوغ لذّة الفرح والتحرّق شوقاً لها لأنني مؤمن بأنني أستحقها. يا إلهي! ما أكثر هذه الأسئلة التي تجول في خاطري الحيران! أين الجواب؟ ما هي أسرار العيش هنا؟ أم أن العيش هنا أسرار؟ ما هو تفسير الحقيقة؟ أم أن الحقيقة لا تفسير لها؟ لا يوجد جواب للأسف، على حسب قناعتي على الأقل. رحمك الله يا أستاذي الفاضل، كيف عساك تقول، نعم تقول لأن كلماتك أصبحت كل يوم زادي في هذه الرحلة الطويلة، أسمعها كل صباح تتكرر في رأسي، تفاءلوا .. فالـ.... مازالت جميلة؟ جميلة، كيف؟ هل هي جميلة بأهلها؟ هل هي جميلة بالنعم التي تغدقها علينا؟ أم هل هي جميلة بمجرد أنها جميلة رغم قسوتها؟ أنام كل ليلة على فراش اليأس مؤمناً بأحلام وأماني بغدٍ مشرق ينتظرني كل صباح، أنا الطفل بملامح الشيخ، وأصحوا على خيبة، خيبات! تجاعيد الأيام والأحزان مرسومة على وجهي، أحياناً أخفيها بالضحك، وأحياناً أعجز عن إخفائها، وأكتفي بقولي "الوضع تعبان". أصحوا كل صباح حاملاً في جيبي الأمل والخيبة، الفرح والغضب والحزن، على ذلك الشاطئ أجدني كل يوم، أنظر إلى البحر وهو يقترب بمدّه لنا، أنظر من حولي أجد الشباب واقفين ينتظرون المد، ماذا عساني أن أفعل؟ اسألهم كل يوم وهم يترقّبون ذلك المد، ماذا تنتظرون؟ يجاوبوني: سفينة الخلاص! عن أي سفينة تتحدثون؟ كان هناك سفينة بالسابق، رحلت ومعها جميع الذكريات، اليوم كل شخص ونفسه لا غير.

في ذلك الشاطئ التعيس، أجمع الأخشاب كل يوم، لأصنع قاربي، قارب النجاة. ليصنع كلٌ منكم قاربه، أصيح بهم منادياً! البعض يجيب والبعض الأخر صامت، والباقي يتذمرون. تعبت! فعلاً تعبت من صناعة هذا القارب! ركبت على قارب وهممت في ذلك البحر، بحر اليأس المجهول، علّني أنجوا من الغرق أو أصل إلى وجهتي المنشودة، حولي قوارب كثيرة، أنظر إلى اليابسة من بعيد، بعض الشباب يصنعون، وبعضهم لا يحرّكون ساكناً، ينتظرون الغرق، لأنه الخلاص في أعينهم، حسب ظني. تارةً يقف القارب، وتارةً أخرى تدفعه الرياح، إلى أين؟ لا أعلم، ما هو مصيري؟ على تلك اليابسة البعيدة التي رحلت عنها منذ فترة لمحت شجرة خضراء مثمرة، لم أتزود منها للرحلة، هل لأنني مؤمن أن رحلتي قصيرة؟ أم أنني كنت متعباً بما يكفي لمنعي من الذهاب لها قبل الرحيل؟ أم أنه قدري يعلمني أن رحلة الخلاص بحد ذاتها قاسية؟! إلى أين أذهب، وما هو مصيري؟

أترك لكم الإجابة، فأنا أعلم أن منكم على قاربه بعدي أو قبلي، ومنكم على الشاطئ ساكنين ينتظرون الغرق والإنجراف مع الأمواج، ومنكم لايزالون يتذمرون جاهلين مصيرهم، مشغولين بالتذمر عن العمل. أين أنا؟ أين وصلت؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق